تم استخدام النباتات الطبية لعلاج الأمراض لعدة قرون في مختلف أنظمة الطب المحلية وكذلك الأدوية الشعبية. علاوة على ذلك، تُستخدم النباتات الطبية أيضًا في تحضير الأدوية العشبية لأنها تعتبر آمنة مقارنةً بالأدوية الحديثة. يركز العديد من الباحثين على النباتات الطبية نظرًا لأنه لم يتم فحص سوى عدد قليل من أنواع النباتات بشكل شامل لمعرفة خصائصها الطبية وإمكاناتها وآلية عملها وتقييم السلامة ودراسات السمية.
حبة البركة (Nigella sativa ) هو نبات مزهر ينتمي إلى العائلة الحوذية (Ranunculaceae ). يصل طوله إلى 20-90 سم، بأوراق مقسمة بدقة، وأجزاء الورقة خطية بشكل ضيق إلى خيطية. الزهور حساسة، وعادة ما تكون ملونة باللون الأبيض أو الأصفر أو الوردي أو الأزرق الشاحب أو الأرجواني الشاحب، ولها 5-10 بتلات. الثمرة عبارة عن كبسولة كبيرة منتفخة مكونة من 3-7 جريبات متحدة تحتوي كل منها على بذور عديدة.
من بين النباتات الطبية المختلفة، تظهر حبة البركة كعشبة معجزة ذات خلفية تاريخية ودينية غنية منذ أن كشفت العديد من الأبحاث عن نطاق واسع من إمكاناتها الدوائية. تعرف حبة البركة باسم الحبة السوداء. موطنه الأصلي جنوب أوروبا وشمال أفريقيا وجنوب غرب آسيا، وتتم زراعته في العديد من دول العالم مثل منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط وجنوب أوروبا والهند وباكستان وسوريا وتركيا والمملكة العربية السعودية.
تم استخدام بذور حبة البركة وزيتها على نطاق واسع لعدة قرون في علاج الأمراض المختلفة في جميع أنحاء العالم. وهو دواء مهم في نظام الطب التقليدي الهندي ( الأيورفيدا) والطب اليوناني (ألاسلامي) و الطب الصيني التقليدي. وتعتبر حبة البركة عند المسلمين من أعظم أنواع االعلاجات ، حيث ورد في أحد الأحاديث النبوية أن الحبة السوداء هي علاج لجميع الأمراض إلا الموت. نظرًا لقوتها العلاجية المعجزة، فقد حصلت حبة البركة على مكان بين أفضل الأدوية العشبية القائمة على الأدلة.
الاستخدامات التقليدية لحبة البركة
تم استخدام حبة البركة تقليديًا لعلاج مجموعة متنوعة من الاضطرابات والأمراض والحالات المتعلقة بالجهاز التنفسي والجهاز الهضمي ووظائف الكلى والكبد ونظام القلب والأوعية الدموية ودعم الجهاز المناعي، فضلاً عن الصحة العامة .
ويشير ابن سينا إلى البذور السوداء في “قانون الطب”، حيث أن البذور تنشط طاقة الجسم وتساعد على الشفاء من التعب والإرهاق. وللحبة السوداء وزيتها تاريخ طويل من الاستخدام الشعبي في الحضارة الهندية والعربية كغذاء ودواء. وقد استخدمت البذور تقليديا في دول جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط لعلاج العديد من الأمراض والعلل بما في ذلك الربو والتهاب الشعب الهوائية والروماتيزم والأمراض الالتهابية ذات الصلة. استخداماتها المتعددة أكسبت حبة البركة الاستحسان العربي “حبات البركة”، أي بذرة البركة. الصبغة المحضرة من البذور مفيدة في عسر الهضم وفقدان الشهية والإسهال والاستسقاء وانقطاع الطمث وعسر الطمث وفي علاج الديدان والطفح الجلدي. خارجياً يستخدم الزيت كمطهر ومخدر موضعي. وتعطى الحبة السوداء المحمصة داخليا لوقف القيء.
الاستخدامات الحالية لحبة البركة
تستخدم بذور حبة البركة على نطاق واسع في علاج أمراض مختلفة مثل التهاب الشعب الهوائية والربو والإسهال والروماتيزم والتهابات الجلد. كما أنه يستخدم كمنشط للكبد، وللجهاز الهضمي، ومضاد للإسهال، ومنبه للشهية، ومطمث، ولزيادة إنتاج الحليب لدى الأمهات المرضعات، و لمحاربة الالتهابات الطفيلية، ولدعم جهاز المناعة. ترجع معظم الخصائص العلاجية لهذا النبات إلى وجود الثيموكينون (30%-48%)، وهو مكون كيميائي فعال رئيسي في الزيت العطري. تستخدم الحبة السوداء أيضًا في الأطعمة مثل إضافات النكهة في الخبز والمخللات لأنها تحتوي على مستوى منخفض جدًا من السمية.
الثيموكينون
المواد الفعالة في حبة البركة
تُعزى معظم الخصائص الدوائية لحبة البركة بشكل أساسي إلى مكونات الكينين، والتي يعد الثيموكينون هو الأكثر وفرة منها. عند التخزين، ينتج الثيموكينون ثنائي الثيموكينون. و تحتوي البذور كذلك على الكارفون والليمونين والسيترونيلول بكميات ضئيلة.
و تحتوي بذور حبة البركة على البروتين (26.7%)، والدهون (28.5%)، والكربوهيدرات (24.9%)، والألياف الخام (8.4%)، و تحتوي البذور أيضًا على كمية جيدة من الفيتامينات والمعادن المختلفة مثل Cu وP وZn وFe. تحتوي البذور على الكاروتين الذي يحوله الكبد إلى فيتامين أ.
الأبحاث العلمية و الدراسات الدوائية
تمت اجراء الدراسات الدوائية، في العقود القليلة الماضية، على حبة البركة على نطاق واسع نظرًا لفاعليتها البيولوجية وإمكاناتها العلاجية وتبين أنها تمتلك مجموعة واسعة من الفعاليات: كمدر للبول، وخافض لضغط الدم، ومرض السكر، ومضاد للسرطان ومعدل للمناعة، و مسكن، و مضاد للجراثيم ، و طارد للديدان، و طارد للبلهارسيا، ومضاد للالتهابات، و مزيل للتشنج، و موسع قصبي، و واقي للمعدة، و واقي للكبد، وواقي للكلى ، ومضاد للأكسدة.