خلق حواء
يقال : لما سجدت الملائكة لآدم نفر إبليس نفرة ثم ولى مدبرا وهو يلتفت أحيانا ينظر هل عصى ربه أحد غيره، فعصمهم الله ثم قال الله لآدم : قم يا آدم فسلم عليهم، فقام فسلم عليهم وردوا عليه، ثم عرض الأسماء على الملائكة، فقال الله لملائكته : زعمتم أنكم أعلم منه أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك إن العلم منك ولك ولا علم لنا إلا ما علمتنا، فلما أقروا بذلك قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فقال آدم : هذه ناقة ،جمل، بقرة، نعجة، شاة ،فرس، وهو من خلق ربي، فكل شيء سمى آدم فهو اسمه إلى يوم القيامة، وجعل يدعو كل شيء باسمه حين يمر بين يديه، حتى بقي الحمار، وهو آخر شيء مر عليه، فخالف الحمار من وراء ظهره فناداه آدم : أقبل يا حمار، فعلمت الملائكة أنه أكرم على الله وأعلم منهم، ثم قال له ربه: يا آدم ادخل الجنة تحيا وتكرم .
فدخل الجنة فنهاه عن الشجرة قبل أن يخلق حواء، فكان آدم لا يستأنس إلى خلق في الجنة ولا يسكن إليه، ولم يكن في الجنة شيء يشبهه، فألقى الله عليه النوم وهو أول نوم كان، فانتزعت من ضلعه الصغرى من جانبه الأيسر، فخلقت حواء منه، فلما استيقظ آدم جلس فإذا عند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه. فنظر إلى حواء تشبهه ومن أحسن البشر، وكان الله علم آدم اسم كل شيء ، فسألها ما أنت؟ قالت : امرأة، قال : ولم خلقت؟ قالت : حتى تسكن إلي .
وقيل : نام آدم فخلقت حواء من قصيراه فاستيقظ فرآها، فقال : من أنت؟ فقالت : أنا أثا، يعني : امرأة بالسريانية
فجاءته الملائكة فهنوه وسلموا عليه قالت له الملائكة ينظرون ما بلغ علمه : ما اسمها يا آدم؟ قال : حواء، قالوا : لم سميت حواء؟ قال : لأنها خلقت من حي . فنفخ بينهما من روح الله، فما كان من شيء يتراحم الناس به فهو من فضل رحمتها .
يقال : لما خلق الله آدم وخلق له زوجته بعث إليه ملكا وأمره بالجماع ففعل، فلما فرغ قالت له حواء : يا آدم هذا طيب زدنا منه . ويقال : كانت حواء من نساء الجنة، وكان الولد يرى في بطنها- إذا حملت- ذكرا أم أنثى من صفائها .
وقد اجتهد العلماء في الحكمة من خلق حواء وآدم نائم في أنّ الرّجل بطبيعته يكره الأمور التي تجعله يتألم ويتوجّع، فلم يرد الله أن يكره آدم حواء، فأراد أن يكون خلقها على آدم هيناً حتى يكون لها سكناً وروحاً، وعلى النّقيض فإن المرأة إن أحسّت بالألم وتوجّعت فإنها تحبّ ويزداد تعلقها بمن تألمت من أجله، ولذلك ترك الله آلام الولادة لتشعر بها المرأة وتكون متيقّظة وقتها؛ حتى تتعلق بأطفالها على الدّوام.
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : استوصوا بالنساء خيرا، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء من الضلع رأسه، وإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته تركته وفيه عوج، فاستوصوا بالنساء خيرا .