ليس بعيدًا عن مسجد بيبي خانوم، يوجد أحد أكثر المعالم المعمارية غموضًا وفريدة من نوعها في سمرقند، مجمع شاخي زيندا. يتكون من صفوف من المقابر ذات الألوان الزرقاء المتلألئة. يتكون شاخي زيندا من أحد عشر ضريحًا، على طول شوارع العصور الوسطى الضيقة، تم بناؤها واحدًا تلو الآخر في القرن الرابع عشر – الخامس عشر. تشكل مجمع جميع الأضرحة شاخي زيندا تكوينًا واحدًا. كل منها عبارة عن مبنى مربع به قبة، يتم تسليط الضوء على مدخله بواسطة رواق. غنية بالزخارف المعمارية للمباني، والتي تستخدم طوب الري وبلاط المجوليكا والفسيفساء المنحوتة.
جاء في النقش الموجود على المدخل الرئيسي ما يلي: “أنشأ هذا المبنى الرائع عبد الزيثانوم ابن أولوغ بيك غوراغانا، ابن شاروخ، ابن أمير تيمور غوراغانا عام 838 (1434/35 م). بعد الصعود إلى 36 خطوة ، ستجد نفسك في معرض مفتوح. هنا اليسار واليمين خبايا ، ضريح أقارب تيمورلينك. ينتهي المعرض بفناء مستدير به قبر مقبب. تحته، يوجد باب قديم منحوت على اليمين، مما يؤدي إلى الضريح الرئيسي لمبنى شاخي زندا ، ضريح قثم بن عباس، ابن عم النبي محمد، والملقب باسم ” الملك الحي”.
شاخي زيندا هو مكان دفن الأشخاص النبلاء والأمراء والملوك. و الضريح الرئيسي الذي يبدأ منه المقبرة هو القبر الخيالي لابن عم النبي محمد، قثم بن عباس. أطلق على المجمع اسم «شاخي زيندا» الذي يعني باللغة الفارسية «الملك الحي». كان أحد أولئك الذين بشروا بالإسلام في تلك المنطقة. في وقت لاحق، أصبح المجمع مركزًا مهمًا للحج يحظى بالاحترام من قبل الناس باعتباره مقدسًا وجود قبر قثم ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم. ومشاهدة الضريح غير متاح للعامة، فقط لكبار زوار الدولة.
وفقًا لأسطورة، فتح قثم بن عباس سمرقند عام 640 م، وقضى هناك 13 عامًا وقطع رأسه من قبل الزرادشتيين أثناء صلاته.
يجذب ضريح قثم بن عباس في سمرقند العديد من أتباع السياحة الدينية أو الروحية، وفي العصور الوسطى، كان الحج إلى قبر «الملك الحي» مساوياً لحج مكة. وكان يعتقد الناس بأن مصدر المياه في القبر تمتلك قوة الشفاء.
***
قُثَم بن العباس بن عبد المطلب
هو قُثَم بن العباس بن عبد المطلب ( 624-677 م)، ابن عم النبي ﷺ، كان قُثَم أشبه الناس برسول الله.
وأمه أم الفضل وهي لبابة الكبرى بنت الحارث بن حزن الهلالية، وكانت أول امرأة أسلمت بمكة بعد خديجة رضي الله عنها. قالت أم الفضل: يا رسول الله رأيت كأن في بيتي عضوًا من أعضائك قال: “خيرًا رأيت تلد فاطمة غلامًا فترضعيه”، فولدت حسينًا فأرضعته بلبن قثم قالت: فجئت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوضعته في حجره، فبال فضربت كتفه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “أوجعت ابني رحمك الله”. وكان أخا الحسين بن علي من الرضاعة.
وكان رضي الله عنه أحدث الناس عهدًا بالرسول صلى الله عليه وسلم” أحدث الناس عهداً برسول الله قثم بن العباس، كان أصغر من كان في القبر وكان آخر من صعد”.
ولي عَلِي بْن أَبِي طَالِب قثم بْن الْعَبَّاس مَكَّة، وَهُوَ كَانَ عامله عليها حتى قتل علي. أرسل مُعَاوِيَة بن أبي سفيان يَزِيد بْن شجرة الرُّهاوي (39 ه ) لإقامة الحج وأخذ البيعة لَهُ، فقام قثم خطيبًا حِينَ بلغه إقبال ابْن شجرة، فَحَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: “أما بَعْد فَإِنَّهُ قَدْ أقبل إليكم جيش من الشام عظيم، وَقَدْ أظلكم، فَإِن كنتم عَلَى طاعتكم وبيعتكم فانهضوا معي إليهم حَتَّى أناجزهم، فَإِن كنتم غَيْر فاعلين فأبينوا لي امركم ولا تغرّوني من أنفسكم، فَإِن الغرور حيفٌ يضل مَعَهُ الرأي ويصرع بِهِ الأريب” . فلم يجبه أحد!!!!!
وفاته
سار قُثَم مع سعيد بن عثمان بن عفان، في آخر إمارة معاوية بن أبى سفيان،لغزو خراسان. فقال له سعيد: أضرب لك بألف سهم ؟ فقال : لا بل أخمس ، ثم أعط الناس حقوقهم ؛ ثم أعطني بعد ما شئت وكان قثم، رضي الله عنه ، سيدا ، ورعا ، فاضلا . فوردوا نيسابور، ثم منها إلى مرو ، ومنها إلى جيحون . وفتح بخارى ، وسمرقند فاستشهد ودفن بها وذلك سنة سبع وخمسين من الهجرة ) 676م ) وقبره بسمرقند، وما زال ضريحه قائما فيها.
عندما نعي إلى ابن عباس أخوه قثم وهو في منزله فاسترجع وأناخ عن الطريق فصلى ركعتين فأطال فيهما الجلوس ثم قام إلى راحلته وهو يقرأ: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: 45]. ولم يعقب قثم.
ويقال: إنه ما رؤيت قبور أشد تباعدًا بعضها من بعض من قبور بني العباس بن عبد المطلب، ولدتهم أمهم أم الفضل في دار واحدة، واستشهد الفضل بأجنادين، ومات معبد وعبد الرحمن بإفريقية، وتوفي عبد الله بالطائف، وعبيد الله باليمن، وقثم بسمرقند، وكثير بينبع.
ملاحظة: لا يوجد تطابق في المصادر المتاحة عن تاريخ ميلاده ووفاته.