الكاتبة الصحافية سهير فهد جرادات تكتب لصحيفة ( رأي اليوم اللندنية ) :
كاتبة وصحافية أردنية
صدقا، “إحنا شو دخلنا ” ، كشعب نطلع على تفاصيل عائلية ، ونكون جزءا في (الهُوشة الملكية ) ؟!..صحيح ، اننا شعب يطالب بالمكاشفة والمصارحة بكل ما يتعلق بعجز الموازنة العامة ، وأسباب ( ارتفاع ) المديونية والاقتراض و النفقات ، وأسباب العجز في الميزانية ، وبمعدلات النمو الاقتصادي المتراجعة، وارتفاع معدلات البطالة ، وتراجع المستوى المعيشي ، وأسباب الفساد وعن ( دورنا في المنطقة ) .. وليست المكاشفة في ( طُوشة عائلية ) في الوقت الذي علق الملك على ( الاتقادات ) التي تدور بالصالونات السياسية :” لدينا قضايا أهم من هيك!!..”
مازال الشعب الأردني في حيرة من أمره ، لماذا تمت مشاركته في )رسالة التهديد ) التي ( أكدت المأكد ) واخباره بتقييد اتصالات الأمير حمزة وإقامتة وتحركاته ؟! هل هي ( للعلم ) ؟! أم لمشاركة الشعب في (إبداء الرأي) بالموضوع؟! .. هذه الرسالة التي تزامنت مع الاستعداد للاحتفال بعيد استقلال الدولة ، كما هو الحال عند الإعلان عن قضية ( الفتنة ) التي جاءت في الوقت الذي نستعد به للاحتفال بمئوية الحكم الهاشمي للاردن ..والأمر المحير هو طريقة التعامل مع ملف الأمير حمزة والتوقيت ، مما سبب الارباك والقلق لدى الشعب الذي تولدت لديه العديد من التساؤلات : هل نحن مقبلون على مخططات خطيرة وقرارت صعبة يكون للجيش الأردني فيها مشاركات خطرة تستدعي اغلاق كل الملفات للتفرغ لما هو أعظم ؟؟!!..
والمستهجن ان يتم ( اختيار ) كُتاب ( من رواد القصر ) لاطلاع الشعب على تفاصيل ( أسرية خاصة ) ، وينقل لنا من (طرف واحد ) مجريات الاجتماعات التي جمعت بين الأمير و افراد العائلة المالكة المقصود منها الكشف عن جوانب من شخصية الأمير التي تظهره بالمهزوز والمتردد والمضرب ، واطلاعنا على خصوصيات عائلية لا تعني الشعب حول مطالب الأمير باستبدال سيارته ، وتسجيل قطعة الأرض المجاورة لقصره باسمه، وبناء ملحق وإجراء صيانة للقصر، وتحضيرنا الى ان الأمير سينشر فيديو ( تعمد ) تصويرة لحادثة الاحتكاك مع الحرس الملكي في صبيحة عيد الفطر ، والكشف لنا عن (اسرار عائلية) جرت بين الملك واخوته وأخواته ، في محاولات لإقناع الأمير بالتخلي عن (هواجسه )من خلال تبادل رسائل عائلية فيما بينهم كأي عائلة لها حق الخصوصية ،إلا اذا لجأوا الى المحاكم و( أصبحت امورهم مفضوحة ).. ليذكرنا مثل هؤلاء الكتاب بالمثل الشعبي ( ما بفضح بيت الأمير غير الكنة والأجير ) .. اليس من الأفضل لو تم الاستمرار بالتعامل معها ب ( الستر ) والاحتواء، وعدم اقحامنا بها وتحويلها الى قضية ” رأي عام ..
لاول مرة نسمع ب(قانون الاسرة المالكة لسنة 1937 )، ولأول مرة يطبق على الرغم من انه لا يشير الى الملك والمملكة الأردنية الهاشمية ، وما زال يتضمن ( امير وامارة شرق الأردن ) ، حيث انه منذ إصداره لم يتم اجراء إي تعديل عليه ( لعل المانع خير ) ، في الوقت الذي جرى فيه إجراء التعديلات على الدستور الأردني مرات ومرات .. وهو استناد غير قانوني وغير دستوري بحسب راي العديد من القانونيين ، ولم يتم الاستناد اليه عند عزل الملك طلال بعد ان (الصقت به صفة الرجل المريض )بحسب ما وصفه في مذكراته ، ولا عندما فرض الملك حسين الإقامة الجبرية على الشريف زيد بن شاكر لمشاركتة ب(حركة الضباط الأحرار الأردنيين) لمدة ثلاثة سنوات بمنزله . لا بد من التطرق الى توقيت توجية الرسالة ذات الشأن العائلي ، خاصة أنها جاءت فور عودة الملك وولي عهده من زيارة لأمريكا ، وما تضمنته الزيارة من ( تطمينات ) من الرئاسة الامريكية للدور الأردني ( كوصي ) على المواقع الإسلامية المقدسة في الحرم القدسي ( دون الإشارة الى المقدسات المسيحية ) ، خاصة أن هناك صراعات عربية وإسلامية عليها وتوجد تهديدات بسحبها من الأردن .
وبعد تصريحاته ملكية( مرعبة ) جاءت في مقابلة مع معهد هوفر بجامعة ستانفورد الأمريكية ، عن الفراغ الذي سيحدثه غياب الوجود الروسي بسبب ( الأزمة الأوكرانية ) في جنوبي سوريا الذي سيملؤه الإيرانيون ووكلاؤهم، واعلن صراحة ( احتمالية ) عودة نشاط خلايا تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش ) في منطاق عراقية وسورية ، والتي تعرف ب ” الذئاب المنفردة ” ، وحدوث تصعيد عسكرياعلى حدودنا .
وبالتزامن مع انطلاق أكبر وأضخم عملية تدريب ومناورات عسكرية إسرائيلية وبمشاركة أمريكا في التدريبات والمعروفة باسم “عربات النار”، التي تمتد لشهر تحاكي سيناريوهات ضربة على منشآت نووية إيرانية وحزب الله وحركة حماس ، في رسالة واضحة بأن أمريكا يمكن أن تدعم هجومًا إسرائيليًا .
بعد توجية الرسالةالملكية الطويلة التي حملت ( الأضداد ) حيث كانت (ناعمة ولطيفة) ، وبذات الوقت ( موجعة وقاسية )، يجب على المستشارين الذين أشاروا بكتابة هذه الرسالة متابعة تأثيرها على( تراجع شعبية الملك ) ، ومن خلال استعراض التاريخ نجد العديد من مجريات الاحداث التي جرت بفعل ( أنامل ناعمة عبثت بمجرى التاريخ ) ..
على أصحاب القرار أن يعوا تماما أن الأردنيين عندما لا يجدون من یمثلهم ، ويتحدث بصوتهم ووجعهم ويفقدون الثقة وتخيب آمالهم ويسيطر الإحباط عليهم لشيوع قانون المصالح وغياب المساءلة وانتشار الفساد، حتما سيبحثون عن ( بطل ) يجسد احلامهم ويشبههم ويقاسمهم الهموم .
( الشعب الذي لا يجد بطلاً يبحث عنه حتى لو في المقابر) ..