جمعية الحمير
كتب توفيق الحكيم أربع مسرحيات (الحمَار يُفكّر، الحمَار يؤلف، سوق الحَمير، حصحص الحبّوب)، وصدرت في كتاب بعنوان: “الحَمِير”، بعد أن تعلّقت الآمال بثورة 1952، التي قام بها جمال عبدالناصر ورفاقه، وأسقطوا حكم الملك فاروق وتمّ طرده. ليس ما حدث سوى تغيير في نظام حكم الملك فاروق الذي يُدار من إبريطانيا إلى نظام حكم مُطلق يرفع شعار الاشتراكية، وما هي إلا اشتراكية منحرفة وزائفة خيّبت آمال الشعوب كما يقول الحكيم في مقدمة مهّدت لأجواء المسرحيات، وقد صدر مسرحيات “الحمير” سنة 1975، وهي تصوّر عهد الثورة بصورة كاريكاتورية.
يدافع الحكيم عن سبب صدورها في عهد السادات وليس في عهد عبدالناصر، حيث يؤكّد أنه أرسل المسرحيات للنشر في جريدة الأهرام في العهد السابق “ولكن رئيس التحرير المسئول للأهرام وقتذاك وجد حرجاً شديداً في النشر. وحبس المسرحيتين الأولى والثانية، أي “الحمار يفكر” و “الحمار يؤلف” حبساً طويلاً في مكتبه دون أن يرى من الممكن نشرهما على الإطلاق”.
قادني الحديث عن مسرحيات الحكيم إلى الحديث عن “جمعية الحمير” التي أُنشيئت في مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي، وأسسها المسرحي زكي طليمات، بعد أن قام الاحتلال الإبريطاني بإغلاق معهد الفنون المسرحية، والذي أنشيء عام 1930، وكان يهدف إلى تمصير فن المسرح، فقام طليمات بإنشاء جمعية الحمير المصرية، وانضم لعضويتها كبار الأدباء والفنانين والأطباء والعلماء، ومنهم طه حسين وعباس العقاد وتوفيق الحكيم، ووصل عدد أعضاء الجمعية 30 ألف عضو.
يلقب العضو المنتسب للجمعية بـ (الحرحور) أي الجحش الصغير، ثم يترقى في المناصب الحميرية حسب مجهوده إلى (حامل البردعة) وهو الحمار الكبير، وحاز على هذا اللقب: زكي طليمات وشكري راغب والمرسي خفاجي ووزير الصحة محمد محفوظ ونادية لطفي، وهناك لقب (حامل اللجام)، ولقب (حامل الحدوة). ومن طريف ما قرأت أن المرسي خفاجي كتب رسالة إلى زكي طليمات يقول فيها: “بعد النهيق.. أرجو النظر في طلب عضويتي”.
قرأت عدداً من المقالات والأخبار عن هذه الجمعية، فوجدت مَن كتب عنها القاص والروائي إبراهيم عبدالمجيد وغيره من الكتّاب والصحفيين، فلا يتّسع المقام هنا لذكر أسمائهم، وهناك لقاء صريح مع الفنانة نادية لطفي في إحدى الفضائيات وعضويتها في الجمعية. وهذه الجمعية ليست وحدها في مصر وإنما في بلاد عربية أخرى وعالمية أيضاً.. وللحديث بقي