الأفيون وحش أفغانستان الذي لا يمكن هزيمته

 

 

الأفيون وحش أفغانستان الذي لا يمكن هزيمته

   تعهدت الحكومات الأفغانية الواحدة تلو الأخرى بالقضاء على زراعة الخشخاش،  وإنتاج الأفيون والاتجار به، فقط لتثبت أنها غير قادرة على مقاومة مليارات الدولارات من الأرباح غير المشروعة، أصبح الأفيون وحش أكبر من أن يهزم, وأقوى من أن يقتل.

تمكنت حكومة طالبان في التسعينيات من تقليل زراعة الأفيون. لكن بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2001، ساعدت ضرائب الأفيون والتهريب في تأجيج تمرد طالبان المستمر منذ 20 عامًا.

وفي الوقت الحاضر، مع عودة طالبان إلى السلطة، يكافح المتمردون الذين تحولوا إلى سياسيين مرة أخرى للقضاء على زراعة الأفيون ومشكلة الإدمان المتفشية التي جاءت معها. أعلنت طالبان في 3/ نيسان/2022 أن زراعة الخشخاش محظورة، مع معاقبة المخالفين بموجب الشريعة. و أدانت طالبان الأفيون باعتباره معاديًا للإسلام، حيث أن محصول الخشخاش في أفغانستان يدعم المدمنين في أوروبا والشرق الأوسط، فضلاً عن عدد كبير داخل أفغانستان. لكن بالنظر إلى علاقاتهم العميقة بتهريب الأفيون خلال التمرد، يسير قادة طالبان على خط رفيع بين النفاق والقداسة.

أنتجت أفغانستان 83 في المائة من الأفيون في العالم من 2015 إلى 2020، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة. أفادت الأمم المتحدة أنه حتى مع الحرب الطاحنة والجفاف المستمر، ارتفعت زراعة الأفيون في أفغانستان إلى224،000  هكتارًا في 2020 من 123،000 هكتارًا في عام 2009.

أنفقت الحكومة السابقة المدعومة من الولايات المتحدة 8.6 مليار دولار على القضاء على الخشخاش، لكن كبار المسؤولين الأفغان كانوا متواطئين بشدة في تجارة الأفيون، وبناء قصور الخشخاش في كابول، وشراء فيلات في دبي. ويبدو بأن الحملة لم يكن لها تأثير يذكر.

تحول مزارعي الخشخاش إلى الطاقة الخضراء، واستعمال مضخات المياه التي تعمل بألواح شمسية رخيصة وعالية الكفاءة قادرة على الحفر في أعماق طبقات المياه الجوفية الصحراوية بسرعة. ساعدت هذه التقنية  في توليد محاصيل وفيرة من الأفيون عامًا بعد عام منذ أن بدأ المزارعون في زراعة الخشخاش في جنوب أفغانستان حوالي عام 2014. سيكون القضاء على الأفيون أكثر صعوبة من أي وقت مضى. وتروي المضخات محاصيل أخرى  مثل القمح والرمان، بالإضافة إلى زراعة الخضار لمزارعي الكفاف.   قدرت الأمم المتحدة أن تجارة الأفيون حققت ما بين 1.8 مليار دولار و 2.7 مليار دولار العام الماضي. وفرت مبيعات الأفيون 9 إلى 14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان، مقارنة بـ 9 في المائة من الصادرات القانونية من السلع والخدمات. إن زراعة الأفيون وتصدير المواد الأفيونية أمر مهم للغاية للاقتصاد الأفغاني ككل، وأي تنفيذ للحظر سيكون له عواقب واسعة النطاق.

 

يعتبر الخشخاش ثروة الشعب الأفغاني. بعد استثمار حوالي 500 دولار في البذور والأسمدة والعمالة والنفقات الأخرى، يأمل المزارع في إجمالي ربح حوالي 5000 دولار بعد بيع 20 كيلوغرامًا من الأفيون.

يأتي حظر الأفيون وسط مستويات كارثية من الجوع والفقر والجفاف. وتقدر الأمم المتحدة أن 23 مليون أفغاني يعانون حرمانا حادا من الغذاء. انهار الاقتصاد الذي كانت تدعمه المساعدات الغربية في السابق في ظل العقوبات وتجميد أموال الحكومة الأفغانية في الخارج. من شأن حملة قمع واسعة النطاق أن تؤدي إلى تفاقم الانهيار الاقتصادي المدمر بالفعل في أفغانستان بعد الحرب وأن تعادي الدائرة الانتخابية الأساسية لطالبان بين مزارعي البشتون، مما يؤدي إلى إفقار العائلات التي تعتمد على المحصول لتتمكن من تحمل تكاليف الطعام.

أخيرا، تبدو زراعة الخشخاش هي الخيار الوحيد للبقاء على قيد الحياة الآن.

بتصرف عن جريدة نيو يورك تايمز 29/5/2022

 

Leave a Comment