بلعام بن باعوراء

بلعام بن باعوراء

هو بلعام أو بلعم  بن باعوراء أو باعور أو بعور أو عور بن شهوم بن قوشتم بن مآب بن لوط بن هاران بن آزر ، ويعتقد البعض أن بلعام كان إسرائيليً من مدينة الجبارين الكنعانيين عاش في زمن سيدنا موسى عليه السلام. وتذكر روايات أخرى بأنه عاش في سوريا (الشام) في قرية من منطقة تعرف باسم البلقاء (تعني شرق الاردن ).  وتشير بعض المصادر بأن بلدة بلعما، والتابعة لمحافظة المفرق في الأردن قد سميت باسمه،  لقد سكنها بلعام بن باعوراء الآرامي في الألف الثاني قبل الميلاد وكان من أحفاد مجموعة من المؤمنين آمنوا بسيدنا ابراهيم يوم أحرق وهاجروا معه إلى الشام.

كان بلعام من الموحدين والمؤمنيين من علماء من بني إسرائيل، اي ان سلطته كانت دينية وكان عنده علم كثير، وكان في مجلسه اثنتا عشرة ألف محبرة للمتعلمين الذين يكتبون عنه، وكان ملوك ادوم كما تقول المصادر يرجعون اليه خاصة في مواسم القحط والدعاء فيدعو بلعام وكان مجاب الدعوة، يقدمونه في الشدائد لأنه يعرف اسم الله الأعظم وكان الله يستجيب دعاءه دائمًا باسمه الاعظم. وكما اشارت اليه مخطوطات وجداريات دير علا على انه كاهن وصاحب رؤيا وهو مذكور في سفر العدد العهد القديم. تشير المصادر الكهنوتية أن بلعام كان نبيًا لكنه لم يكن من بني إسرائيل، وهذا غير صحيح ; لأن الله تعالى لا يضع رسالته إلا في من هو أهل لذلك،  و لا يصطفي لنبوته إلا من علم أنه لا يخرج عن طاعته إلى معصيته، ولأن الأنبياء لا ينسلخون عن آيات الله تعالى.

وروي أن بلعام بن باعوراء كان من قوم سوء يكرهون بني إسرائيل وسيدنا موسى، و وقف ضد موسى عليه السلام  وساعد فرعون الطاغية ودعا ألا يدخل موسى مدينة الجبارين الكنعانيين  ، فاستجيب له وبقي في التيه . فقال موسى : يا رب ، بأي ذنب بقينا في التيه . فقال : بدعاء بلعام . قال : فكما سمعت دعاءه علي فاسمع دعائي عليه . فدعا موسى أن ينزع الله عنه الاسم الأعظم ; فسلخه الله ما كان عليه ، ويذكر في آخر كتاب منهاج العارفين : وسمعت بعض العارفين يقول إن بعض الأنبياء سأل الله تعالى عن أمر بلعام وطرده بعد تلك الآيات والكرامات ، فقال الله تعالى : لم يشكرني يوما من الأيام على ما أعطيته ، ولو شكرني على ذلك مرة لما سلبته .

اسم الله الأعظم

(اسم الله الأعظم هو اسم من أسماء الله يؤمن المسلمون أنهم إذا دعوا وسئلوا به أجيبت دعواتهم، اختلف العلماء المسلمون فيه، فمنهم من قال إنه الله ومن قال إنه الرب وهناك من قال إنه الحي القيوم).

و يقول الإمام الخوارزمي لقد تاق قلبي لمعرفة اسم الله فسرت 7 سنين ألى أن اجتمعت بشيخ جليل قد عمي وهو من الصين، فسـاله عنه فقال: يا بني إن أسماء الله كلها عظيمة فقلت نعم يا سيدي، ولكني أريد معرفة الأسم الجامع الذي فيه الأربع طبائع، فنظر إلي وقال: هل اطلعت على الأسماء المخزونة مثل ثاقوفة بلعام بن باعوراء و ثاقوفة موسى عليه السلام، وبعض الأسماء المسلسلة، فقلت: نعم يا سيدي، فقال: اعلم أن الأسم الأعظم المخزون المكنون الذي ينطق به كل أحد، وكان مكتوبا على عصا موسى عليه السلام، وكان يدعو به وهو اسم الذات، وفيه حروف الأربع طبائع، وجملة حروفه 12، و سأريك دائرة هذه الأسم وما خرج معه من الأسماء

(صورة 1). وقال يا أخي: ان فضل الأسم الأعظم على باقي الأسماء كفضل ليلة القدر على باقي الليالي.

لقد وعد الله بلعام بأن يستجيب لثلاثة من طلباته أو صلواته. وكانت له امرأة يقال لها ” البسوس ” فكان له منها ولد ; فقالت : اجعل لي منها دعوة واحدة . فقال : لك واحدة ، فما تأمرين ؟ قالت : ادع الله أن يجعلني أجمل امرأة في بني إسرائيل . فلما علمت أنه ليس فيهم مثلها رغبت عنه ; فدعا الله عليها أن يجعلها كلبة نباحة . فذهب فيها دعوتان ; فجاء بنوها وقالوا : لا صبر لنا عن هذا ، وقد صارت أمنا كلبة يعيرنا الناس بها ، فادع الله أن يردها كما كانت ; فدعا فعادت إلى ما كانت ، وذهبت الدعوات فيها .

قصة بلعام بن باعوراء

تقول الروايات بأن  سيدنا موسى  عليه السلام أوصى يوشع بن نون بالرفق ببني إسرائيل والدخول إلى الأرض المقدسة وعدم الخوف مرة أخرى، علما بأن سيدنا موسى توفي وعمره 120 عاما، بينما يوشع بن نون كان عمره 100 عام وفقًا لكلام أهل الكتاب، وعاش بعد سيدنا موسى 27 عامًا. و تقول الروايات الشعبية بأن سيدنا موسى عليه السلام قبل وفاته وجد ملائكة تحفر قبرًا، فقال لهم ماذا تفعلون بهذا المكان الطيب، فقالوا له أتحب أن تدفن فيه، قال نعم، قالوا له اجلس فيه، فنام فيه فمات. وأكثر الروايات ترجيحا بأن يوشع بن نون هو الذي كان يقود بني اسرائيل لدخول القدس، بعد وفاة سيدنا موسى عليه السلام.

أفتتحت مدائن الشام على يد يوشع بن نون، ففتحها مدينة مدينة حتى انتهى إلى البلقاء، فلقوا فيها رجلا يقال له بالق، فجعلوا يخرجون يقاتلونه لا يقتل منهم رجل، فسأل عن ذلك فقيل: إن فيهم امرأة عندها علم، فسألوا يوشع الصلح ، فأبى عليهم ، حتى يدفعوا إليه المرأة ، فقال بالق : لا أدفعها ! فقالت : ادفعني إليه ! فدفعها إليه ، وصالح ، فقالت له :هل تجد فيما أنزل على صاحبك قتل النساء ؟ قال : لا ! قالت : فإني قد دخلت في دينك. قال : فاسكني في مدينة أخرى ! فأنزلها مدينة أخرى .

حدث قصة بلعام الرئيسية خلال فترة إقامة بني إسرائيل في سهول موآب، شرق نهر الأردن، في ختام الأربعين عامًا من التيه، قبل وقت قصير من وفاة النبي موسى عليه السلام، بعد أن هزم بنو إسرائيل بالفعل ملكين في شرق الأردن: سيحون ملك الأموريين، و عوج ملك  باشان. فرعب الناس منه رعبا شديدا فقالوا لبالاق بن صفور ملك موآب: هذا موسى بن عمران في بني إسرائيل، قد جاء يخرجنا من بلادنا ويقتلنا ويحلها بني إسرائيل، فشعر بالاق ،  فأرسل الرسل ورؤساء موآب إلى بلعام لحثه على المجيء، و ليقولوا له: “هُوَذَا شَعْبٌ قَدْ خَرَجَ مِنْ مصر. هُوَذَا قَدْ غَشَّى وَجْهَ الأَرْضِ، وَهُوَ مُقِيمٌ مُقَابِلِي. فَالآنَ تَعَالَ وَالْعَنْ لِي هذَا الشَّعْبَ، لأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنِّي، لَعَلَّهُ يُمْكِنُنَا أَنْ نَكْسِرَهُ فَأَطْرُدَهُ مِنَ الأَرْضِ، لأَنِّي عَرَفْتُ أَنَّ الَّذِي تُبَارِكُهُ مُبَارَكٌ وَالَّذِي تَلْعَنُهُ مَلْعُونٌ”. وإنا قومك، وليس لنا منزل، وأنت رجل مجاب الدعوة، فاخرج فادع الله عليهم. فاستنكر طلبهم إذ إنه كيف يدعو على نبي الله وهو بمعية الملائكة والمؤمنين، إذ فعل ذلك فقد خسر الدنيا والآخرة، فألحوا عليه في طلبهم، فأمهلهم من الوقت لينظر في المنام بماذا يؤمر، فكان بلعام لا يأت الدعاء حتى يرى في المنام ما يؤمر به، فرأى في المنام أنه يؤمر بألّا يدعو عليهم، فأخبر الكنعانيين بذلك، وقال إنه إذا دعا عليهم فسينسلخ من آيات الله عز وجلّ، فطلبوا منه إعادة الاستخارة (وهو طلب الهداية من الله). ، وتكررت إجابته في كل مرة، معاودين الطلب بأن يكرر الاستخارة. فقال لهم بلعام ناموا عندي هذه الليلة حتى يأتيني الجواب من الرب، فأوحى الرب إلى بلعام: “لاَ تَذْهَبْ مَعَهُمْ وَلاَ تَلْعَنِ الشَّعْبَ، لأَنَّهُ مُبَارَكٌ”. فرد بلعام على الرسل بالرفض. بقي الكنعانيون يرققون قلب بلعام ويلحون عليه بالطلب حتى فتنوه بالهدايا وقاموا برشوته، علّه يجيب طلبهم ويقبل الدعاء على بني اسرائيل.

قال: ويلكم! نبي الله معه الملائكة والمؤمنون، كيف أذهب أدعو عليهم، وأنا أعلم من الله ما أعلم؟! قالوا له: ما لنا من منزل! فلم يزالوا به يرققونه ويتضرعون إليه، حتى فتنوه فافتتن. وأغراه الملك بالاق بالمال ، فقال لهم بلعام: “وَلَوْ أَعْطَانِي بَالاَقُ مِلْءَ بَيْتِهِ فِضَّةً وَذَهَبًا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَتَجَاوَزَ قَوْلَ الرَّبِّ إِلهِي لأَعْمَلَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا”. ولكن هذه المرة أوحى الرب إليه أن يذهب مع الرجال، فانظلق في الصباح معهم.

استقبل بالاق بلعامًا استقبالاً حافلًا، وعاتبه على تأخّره عليه. أمّا بلعام فلفت نظر بالاق إلى أنّه خاضع لله، وأنّه لا يقول ولا يفعل إلا ما يأمره به الله، واستقبل بالاق بلعام في «عير موآب» أي مدينة موآب القريبة من أرنون، قرب الحدود بين موآب وبني إسرائيل، ثمّ سارا إلى «حصوت»، وأقام الملك وليمة له. وذهبا إلى «مرتفعات بعل»، ليقدموا الأضحية على سبعة مذابح بسبعة ثيران وسبعة أكباش، مما يؤدي إلى قيام بلعام بإعطاء نبوءة من قبل الرب. فوضع الرب كلاما في فم بلعام ونطق يبارك بني إسرائيل، فَقَالَ بَالاَقُ لِبَلْعَامَ: «مَاذَا فَعَلْتَ بِي؟ لِتَشْتِمَ أَعْدَائِي أَخَذْتُكَ، وَهُوَذَا أَنْتَ قَدْ بَارَكْتَهُمْ». ثم حاول بالاق مرة أخرى وأخذ بلعام إلى حَقْلِ صُوفِيمَ وبنى له سبعة مذابح أيضًا وضحي بسبعة ثيران وسبعة أكباش، فنطق بلعام بمباركة بنى إسرائيل أيضًا. ثم حاول بالاق مرة ثالثة وأخذ بلعام إلى رأس فغور، وبنى له سبعة مذابح أيضًا وضحي بسبعة ثيران وسبعة أكباش فنطق بلعام بمباركة بنى إسرائيل مرة ثالثة. فَاشْتَعَلَ غَضَبُ بَالاَقَ عَلَى بَلْعَامَ، وَصَفَّقَ بِيَدَيْهِ وَقَالَ بَالاَقُ لِبَلْعَامَ: «لِتَشْتِمَ أَعْدَائِي دَعَوْتُكَ، وَهُوَذَا أَنْتَ قَدْ بَارَكْتَهُمُ الآنَ ثَلاَثَ دَفَعَاتٍ. فَالآنَ اهْرُبْ إِلَى مَكَانِكَ. قُلْتُ أُكْرِمُكَ إِكْرَامًا، وَهُوَذَا الرَّبُّ قَدْ مَنَعَكَ عَنِ الْكَرَامَةِ».

كان بلعام يعيش حياة التصوف والزهد وبعد أن أقنعه بالاق بالتوجه الى معسكر بني اسرائيل والدعاء عليهم. وتقول الرواية الإسرائيلية بأن الرب غضب لأنه ذهب، بالرغم من أن الرب هو الذي أمره بالذهاب، وأرسل الرب ملاكا معه سيفا  لمنعه من الذهاب. خرج بلعام على ظهر حمارة متجهًا لجبل يسمى بجبل حسبان، المطل على الغور، لإطلالة الجبل على موسى ومَن معه، ونيته الدعاء على موسى عليه السلام ومن معه.

في البداية لم يرى بلعام الملاك، ولكن الحمارة رأته وتعثرت في الطريق عدة مرات ، وكان بلعام أيضًا يتعب في التقاط الحمارة كلما سقطت ، وحاولت الحمارة تجنب الملاك، فقام بلعام بضرب الحمارة ثلاث مرات، فقالت: ويحك يا بلعم: أين تذهب؟ أما ترى الملائكة أمامي تردني عن وجهي هذا؟ أتذهب إلى نبي الله والمؤمنين لتدعو عليهم؟: “أتريد أن تسب رسول الله؟. يا بلعام أيها السفيه! ألا ترى إلى أين أنت ذاهب؟ أنت تدفعني إلى الأمام ولكن الملائكة تدفعني إلى الوراء! ولكن بدلا من أن ينتبه نزل عنها وتركها هناك ومشى على قدميه. صعد الجبل وبدأ يلعن. ولكن كلما أراد أن يسمي النبي موسى وقبيلته، نطق لسانه باسم قبيلته بدلاً من بني إسرائيل. وقد وصفه الله سبحانه وتعالى وصفاً شنيعاً؛ فهو قد انسلخ من الدين وخرج عن العقيدة كانسلاخ الحية من جلدها وقد وردت قصص مختلفة عن بلعام. وقد اعتبر عدد من المفسرين أن هذه القصص إسرائيليات لا يمكن الاعتماد عليها. لم يُذكر بلعام صراحةً في القرآن، لكن بعض المفسرين للقرآن يؤكدون أن الآية 175 من القرآن  تتحدث عنه  ، قال الله تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ۝  وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ (الأعراف 175-176). خرج بلعام  من ديوان الولاية لله لديوان المغضوب عليه لأنه لم يستمر في فعل الخير، وجاء فيه وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ ، فقارون عبد الله 40 عامًا وضاع، وبلعام وصل لأسم الله الأعظم وضل. ويرى أحد المفسرون  بأن بلعام بن باعوراء بعث إلى ملك مدين ليدعوه إلى الإيمان ; فأعطاه وأقطعه فاتبع دينه وترك دين موسى ; ففيه نزلت هذه الآيات

،يقال ان نهايته كانت في البادية اذ اندلع لسانه على صدره كالكلب. وقُتل بلعام بالسيف على يد بني إسرائيل في معركة انتقامية ضد الميدانيين في النهاية.

بالنسبة للزنية: يقال الاصل الزنيات وان بلعام دعا النساء للذهاب الى معسكر بني اسرائيل والزنا بالجيش ليعم الفساد ويهلك القوم. 

بلعام والملاك

بلعام والحمارة

الزنا

وعندما عاد الى قريته استنكر له قومه وقالوا: كيف تدعو علينا يابلعام، بعد أن وعدتنا  بأن تدعو على موسى ومن معه ؟، فقال : لا أقدر على أكثر مما تسمعون، ويُذكر أنّه لم يُستجب من دعائه إلا عدم دخولهم لأرض كنعان. خاف الكنعانيون من دعوة بلعام مع أنّهم هم الذين طلبوا دعاءه.

أجابهم بلعام بأنه لا حيلة بيده، فهذا كل ما يملكه، وما صدر منه من دعاء عليهم ودعاء لموسى ومن معه من الله عز وجلّ. وأوضح لقومه أنه فقد السيطرة على لسانه المتدلي إلى صدره ، وبعد ذلك خرج من صدره ،كما يقال، حمامة بيضاء، وهي كناية عن خروج الإيمان والمعرفة من قلبه، وذلك جزاء على كفران أنعم الله -عز وجلّ- عليه، وحينها أدرك بلعام بأنه خسر الدنيا والآخرة، فقال لقومه: ذَهَبْت الآن مني الدنيا والآخرة، فلم يبق إلا المكر والخديعة والحيلة، للانتصار على موسى  ومن معه، وسأمكر لكم.

أمر بلعام قومه بأن يزينوا النساء ويجملوهم، ويخرجوهم إلى معسكر موسى عليه السلام، وأن يحملوهن بضاعة ليبيعوهن لهم في معسكرات بني اسرائيل ، وأن يأمرونهن بألّا يمتنعن إذا ما طلبهن أحد من رجال موسى عليه السلام، لأنه إذا زنا أحد من جنود النبي موسى عليه السلام فقد انتهى أمرهم وكُف شرهم عن الكنعانيين، فسيعاقبوا من الله عز وجلّ. فإن الزناء لم يظهر في قوم قط إلا بعث الله عليهم الموت. عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ “‏ إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء‏”‏ .

استجاب الكنعانيون لطلب بلعام، واسرعوا في ذلك، فجهزوا البنات وذهبن ليبعن الطعام في معسكراتهم، ويتلقين هذا الجيش وحصل فى الجيش ما حصل من الضياع والفساد والزنا.

وفي إحدى الروايات: عندما دخلت النساء معسكر بني اسرائيل،  مرت امرأة من الكنعانيين اسمها ” كسبى ابنة صور ” ، و أفتتن بجمالها ” زمرى بن شلوم “، من  سبط سمعان بن يعقوب بن اسحق بن إبراهيم، عليهم السلام، فقام إليها، فأخذ بيدها فأرادها على نفسه ، فقال: إن منزلتي كذا وكذا، وإني رجل من عظماء بني إسرائيل، وقالت: لن أمكن نفسي إلا من موسى. ثم أقبل بها حتى وقف بها على موسى، عليه السلام، فقال: إني أظنك ستقول هذا حرام عليك؟ قال: أجل، هي حرام عليك، لا تقربها. قال: فوالله لا أطيعك في هذا. ثم دخل بها قبته فوقع عليها.

وهنا حصل ما توقعه بلعام، ونجحت خطته ومكره في إذهاب أذى بني إسرائيل عن الكنعانيين. وأرسل الله، عز وجل، الطاعون في بني إسرائيل، جزاءً لهم.

ولما افتتح يوشع بن نون البلقاء أكثر بنو إسرائيل الزناء ، وشرب الخمور ، ووقعوا على النساء ، وكثرت فيهم الفاحشة ، فعظم ذلك على يوشع بن نون ، وخوفهم الله ، وحذرهم سطوته ، فلم يحذروا ، فأوحى الله ، عز وجل ، إلى يوشع بن نون : إن شئت سلطت عليهم عدوهم ، وإن شئت أهلكتهم بالسنين ، وإن شئت بموت حثيث عجلان . فقال : هم بنو إسرائيل ، ولا أحب أن تسلط عليهم عدوهم ، ولا يهلكوا بالسنين ، ولكن بموت حثيث ، فوقع فيهم الطاعون فمات في وقت واحد سبعون ألفا.

وكان فنحاس بن أليعازر بن هارون، صاحب موسى، غائبا حين صنع زمرى بن شلوم ما صنع، فجاء والطاعون يجوس في بني إسرائيل، فأخبر الخبر، فأخذ حربته، وكانت من حديد كلها، ثم دخل القبة وهما متضاجعان، فانتظمهما بحربته، ثم خرج بهما رافعهما إلى السماء، والحربة قد أخذها بذراعه، واعتمد بمرفقه على خاصرته، وأسند الحربة إلى لحييه ، وجعل يقول: اللهم هكذا نفعل بمن يعصيك. ورفع الطاعون، فحسب من هلك من بني إسرائيل في الطاعون فيما بين أن أصاب زمرى المرأة إلى أن قتله فنحاص، فوجدوه قد هلك منهم سبعون ألفا ، والمقلل لهم يقول: عشرون ألفا.

 

Leave a Comment