ثانيا: ﴿مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ﴾

يقول الله تعالى في كتابه الكريم ﴿ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ﴾( الزمر-6).  والظلمات الثلاث يراد فترة الحمل عند المرأة، حيث قسموا فترة الحمل إلى ثلاثة أثلاث ، وكل ثلث يتكون من ثلاثة أشهر. “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ”. ( الحج-5). وذكر القرآن الكريم مراحل نمو الجنين في رحم امه في السياق التالي: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سلالة مِّن طِينٍ* ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً في قَرَارٍ مَّكِينٍ* ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخالقين﴾  (المؤمنون 12ـ14).  ومن الناحية العلمية، هناك ، هناك ثلاث مراحل من نمو الجنين ما بين الحمل والولادة. المرحلة الإ نتاشية  ، ومرحلة المضغة ، ومرحلة الجنين.

تعتبر المرحلة الإ نتاشية هي أقصر مرحلة من مراحل نمو الجنين. تبدأ المرحلة الإنتاشية بالتلاقح ما بين نطفة ماء الرجل (الحيوان المنوي) ونطفة المرأة (البويضة) . يعتقد الكثير من الناس أن إنتاش البويضة يحدث في الرحم وهو الاعتقاد الخاطيء، يحدث الإنتاش  في قناة فالوب عند التقاء البويضة بالحيوان المنوي، وقدرته على اختراق غلافها، وتكوين الزيجوت أو الخلية الأم. وظلمة قناة فالوب هي الظلمة الأولى. تنتقل البويضة المنتشية بعد ذلك في طريقها ناحية بطانة الرحم لتنغرس فيها، وتدعى  العلقة . ﴿ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً﴾ (المؤمنون-14)،  والعلقة وهي مرحلة ما بعد تعلق النطفة بجدار الرحم، وظلمة الرحم الذي فيه الجنين ثانية. تستمر مرحلة المضغة من حوالي الأسبوع الثالث من الحمل حتى الأسبوع الثامن ، تبدأ الكيسة الأريمية في اتخاذ خصائص بشرية مميزة ، وتتكون المشيمة (وهي كساء يكون فيه الطفل) وهذه الظلمة الثالثة.  هذه ثلاث ظلمات، ظلمة بعد ظلمة. بحلول نهاية الأسبوع الثامن، تتشكل معظم أعضاء وأنظمة المضغة. ﴿ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ﴾ (المؤمنون-14 ).

أي من شر جميع المخلوقات جميع المخلوقات التي خلقها الله، من جهنم وإنس، وجن، وحيوانات، فيستعاذ بخالقها، من الشر الذي لأنه لا عاصم من شرها إلا خالقها هو المالك لها ، والمتصرف فى أمرها ، والقابض على ناصيتها ، والقادر على تبديل أحوالها ، وتغيير شئونها . وقيل : هو عام ، أي من شر كل ذي شر خلقه الله عز وجل.  من شرِّ جميع المخلوقات، حتى من شرِّ نفسِك؛ لأن النفس أمَّارةٌ بالسوء ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ ( الشمس- 8،7). ونقول في التشهد في دعاء الحاجة: “إن الحمد لله نستعينه ونستغفره، و نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وسيئات أعمالنا “. أن خلق الشر لم ينسب إلى الله ، ولكن خلق الخلق منسوب إلى الله والشر للخلائق. أي لم يقال: أعوذ من شر ما خلقه الله ، بل أعوذ من شر ما خلق. وهذا يدل على أن الله لم يخلق أي مخلوق في سبيل الشر. والاستعاذة من الشر يتضمن معنيين آخرين. أولاً: أن االشخص يدعو ربه أن يحفظه من الشر الذي حدث بالفعل. ثانياً: أن الرجل يصلي إلى الله ليحفظه من الشر الذي لم يقع بعد.

أن لفظ الشر يستخدم للتعبير عن الخسارة والضرر والمتاعب والبلاء ، وكذلك في الوسائل التي تؤدي إلى الخسارة والبلاء. على سبيل المثال ، الجوع أو المرض أو الإصابة في حادث أو حرب ، أو الحرق بالنار ، أو اللسع أو اللدغ من قبل عقرب أو ثعبان ، أو التورط في حزن موت الأطفال وما شابه ذلك من الشرور الأخرى التي هي شرور بالمعنى الأول ، هي في حد ذاتها مشاكل وآلام.

نرى مما سبق بأن الخير والأمل مرتبطان  بالنور، والشر مرتبط بالظلمة. جميع الثدييات لها فترة حمل مختلفة عن الأخرى، ولكن من الحمل إلى الولادة يبقى الجنين في الظلمة. وكذلك الطيور والكائنات التي تبيض، جميعها لها فترة حضانة حتى يخرج الفرخ من البيضة إلى النور.

 

Leave a Comment