ينتمي حبيبنا ورسولنا العظيم، صلى الله عليه وسلم، إلى قبيلة قريش والتي تعتبر من أهم قبائل جزيرة العربية، ولها مكانة عظيمة ومرموقة بين قبائل العرب. وينتهي نسب قريش إلى نبي الله إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، كما جاء في الحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنانَةَ مِن ولَدِ إسْماعِيلَ، واصْطَفَى قُرَيْشًا مِن كِنانَةَ، واصْطَفَى مِن قُرَيْشٍ بَنِي هاشِمٍ، واصْطَفانِي مِن بَنِي هاشِمٍ). إن الله سبحانه وتعالى لم يصطفي النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، لأنه كان ينتمي إلى أكبر حزب في الجزيرة العربية.
عندما قرر كفار قريش قتل النبي، صلى الله عليه وسلم، أخذوا من كل قبيلة رجلاً .. وذهبوا ليقتلوا النبي ، ظلوا واقفين على باب بيته طول الليل بانتظار أن يخرج لصلاة الفجر . احدهم حاول أن يقترح الفكرة مجرد اقتراح .
رد عليه أبو جهل بكل عنف : ( وتقول العرب أنا تسورنا الحيطان و هتكنا ستر بنات محمد !!؟)..
رغم أن أبو جهل كافر بدين محمد، صلى الله عليه وسلم ، ولكنه لم يكفربقيم قبيلة قريش من النخوة والرجولة ، كانوا يعرفون إن البيت فيه نساء ، ولايجوز أن إقتحامه ، لايجوز أن نكشف سترهم ، أو ننتهك خصوصيتهم .
كفار قريش أبناء عشائر وليس أبناء حزب أبو جهل. كانوا يعرفون إن البيت فيه نساء ، ولايجوز أن نقتحمه ، لايجوز أن نكشف سترهم ، أو ننتهك خصوصيتهم . رغم أنهم كانوا قادرين أن يقتحموا البيت من أول لحظة ويهدموه على رأس كل من فيه، كما يفعلون زوار الفجر في وقتنا الحاضر.
السير جون باغوت كلوب، المعروف باسم كلوب باشا ولقبه (أبو حنيك). أصبح ضابطاً في الجيش العربي الأردني عام، 1930، وفي العام التالي أسس قوات البادية، وهي قوة مكونة من البدو بشكل حصري، وذلك للسيطرة على الأزمة التي أصابت جنوب البلاد. بقي في منصب قيادة الجيش العربي حتى عام 1956. لم يقترح انشاء أحزاب في الأردن على غرار الأحزاب في بلاده بريطانيا، وبدلا من ذلك اعتمد على أبناء العشائر.
أنا شخصيا أكتشفت منذ ومن بعيد بأني لست رجلاً حزبياً، ولا أستطيع أن أنشىء خلايا حزبية، ولم أستطع فهم فكرة الإتصال الخيطي برئيس الحزب، وكذلك الخلايا الحزبية. في بداية الستينات، كنتت صغيرا، وكانت أول مرّة في حياتي أسمع عن الأحزاب، كنت مع والدي ذاهبين إلى منطقة الظليل في الباص، وفي تلك الأيام لم يكن إلّا خط واحد لسير المركبات (الزرقاء، خو ، الظليل ، المفرق، اربد ، وبالعكس). توقف الباص عند نقطة خو، ودخل الباص اثنان من الشرطة وبدأوا بطلب الهويات من الركّاب.
سألت والدي عن السبب، فأجاب: انهم يبحثوا عن حزبيين شيوعيين. وسألت والدي، ما معنى شيوعيين؟، فقال” لا تجيب سيرتهم على لسانك، حيشاك، الشيوعيون مثل الكلاب، يناموا مع أمهاتهم وأخواتهم، لعنة الله عليهم”. وبعد أن كبرت، وفي بداية الثمانينات، أخبرني أحدهم بأنه قبل عام كان ضمن وفد أردني يمثل “الحزب الشيوعي الأردني” ، ذهب لزيارة روسيا، بناءا على دعوة من الحزب الشيوعي الروسي. وأثناء رحلتهم بالقطار من موسكو إلى لينينغراد، “تحركش” أحد الضيوف بالنادلة التي تقوم على خدمتهم بالمقطورة. وتمت إعادته على أول رحلة لعمّان.
عندما زار جلالة الملك عبدالله الثاني البادبة وطالبهم بالانخراط في الأحزاب، للخروج من عباءة العشائرية، ردّ
شيخ مشايخ عشائر الشرفات ،الشيخ سويلم قاسم الشرفات، على الملك، وقال: “البادية بحاجة للخبز وليس للأحزاب، متى شبعوا خبز حدثوهم عن الأحزاب”. كلام رائع وجميل، وأعتقد بأن الشيخ سويلم ليس خريج هارفارد، ولا جامعة لندن للأعمال. نعم “المعدة الخاوية لا تفكر”.
جميع بيوت شيوخ البادية في الأردن مفتوحة 24 ساعة لكل محتاج وملهوف من رجال ونساء، على العكس من مقرات الأحزاب ودوائر الدولة. بيوت شيوخنا، يا سادة، لا توجد عليها أجراس لتقرع لتأذن لك بالدخول. يجب أن نعترف بأننا عشائريين، ولأنخذ المثال التالي:
تم تأسيس حزب العهد الأردني عام 1992 برئاسة عبدالهادي المجالي (1934-2021). كان رئيس مجلس النواب الأردني لتسع دورات برلمانية. وفي انتخابات مجلس النواب السادس عشر، تصدرت قائمة حزب التيار الوطني، الذي يترأسه المهندس عبدالهادي المجالي قوائم الأحزاب المشاركة في الانتخابات من ناحية عدد المرشحين، لكن أغلب مرشحي القائمة المعلنة رسميا (32 مرشحا) لم يحالفهم الحظ. وعند استقراء خريطة الفائزين في عضوية مجلس النواب السادس عشر، تمخض عن خسارة العدد الأكبر من المرشحين الحزبيين، الذين بلغوا في مجموعهم 86 مرشحا ومرشحة. نرى فشل الأحزاب في الوصول إلى البرلمان, وقد فاز رئيس حزب العهد بمقعد في مجلس النواب نتيجة العشائرية, وليس الحزبية.
انها ثقافتنا يا جماعة، عندما نذهب إلى صناديق الاقتراع، ونختلي بأنفسنا لكتابة أسم المرشح، سنكتب اسم مرشح العشيرة، لأننا نعلم في صميمنا بأن العشيرة هي الفزعة في السراء والضراء، ورفقائك الحزبيين لا يسدّوا مكانهم أبداً.
يوجد في الأردن حزبين فقط. الحزب الأول وهو حزب “الديك”، ويضم جميع الأردنيين، رجال ونساء، من هم دون الستين من العمر، وشعار الحزب “كل…واشرب، و xxx”. أما الحزب الثاني فهو حزب “الكنبة”، ويضم جميع الأردنيين، رجال ونساء، من هم فوق الستين من العمر ، كأمثالي. في النهار تجلس كل سيدة على الكنبة وبيدها جهاز التحكم عن بعد، وتتابع آخر فنون الطبخ. وفي المساء، يجلس الرجل على الكنبة ويقلّب قنوات التلفزيون، يسب ويشتم بأن ما حدا من المحللين “يفش غلّه”، وأن وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية غير قادرة على تكوين حزب حمولة منسف واحد.
