﴿وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ﴾

ورد في معاجم اللغة العربية الفعل  ( نَفَثَ ). نَفَثَ البُصَاقَ مِنْ فَمِهِ : رَمَى بِهِ، وأن النفث النفخ مع ريق. ونَفَثَ الثُّعْبَانُ السُّمَّ : رَمَى بِهِ. رَجُلٌ نَفَّاثٌ : ساحر، مَنْ يقوم بأعمال السِّحر. وامرأة نفَّاثٌة: ساحرة والجمع نفاثات: الساحرات يتفلن إذا سَحرن. و المنفوث: المسحور. وفي وقتنا الحاضر أطلق الأسم (النَّفَّاثُ) على مُحَرِّكُ الطائرات أو الصواريخ الذي يَنْفُثُ الْمَحْرُوقَاتِ فِي الْجِهَةِ الْمُعَاكِسَةِ لسيرها. نفث النفث: قذف الريق القليل، وهو أقل من التفل، ونفث الراقي والساحر أن ينفث في عقده،  وقيل: لو سألته نفاثة سواك ما أعطاك (  أي: ما بقي في أسنانك فنفثت به)، ودم نفيث: نفثه الجرح.

عقَدَ طرفَي الحبْلِ ونحوِه: وصَلَ أَحَدَهما بالآخَرِ بعُقْدَةٍ تُمْسِكُهُما فأَحكم وصلَهُما. وكلمة العقيدة مشتقة من نفس الجذر؛ وتعني انعقاد القلب على الارتباط بالله تعالى.

ويحتمل أن يقال: إن ﴿النَّفَّاثَاتِ﴾ يعني الأنفُسَ   فيشمل الرجال والنساء. وعندما سحر لَبيد بن الأعصم اليهودي النبي صلى الله عليه وسلم، كان بمساعدة بناته. وذَكَر اللهُ النفَّاثات دون النفَّاثين لأن الغالب أن الذي يستعمل هذا النوع من السِّحر هنَّ النساء، هنَّ الساحرات؛ يَعقِدْنَ الحبالَ وغيرها، وتَنْفُث بقراءةٍ مُطَلْسمةٍ فيها أسماء الشياطين على هذه العُقَد، على كلِّ عُقدة؛ تَعْقد ثم تَنْفُث ، وهي بنفسها الخبيثة تريد شخصًا معيَّنًا، فيؤثر هذا السِّحر بالنسبة للمسحور  . وذلك إنما يتأتى من النساء لقلة علمهن وشدة شهوتهن. وفي الأساطير والأدبيات الغربية نرى الساحرات يطرن عبر السماء على أعواد المكنسة، يسعين نحو الأطفال حتى يتمكن من التهامهم والحصول على شبابهم وجمالهم.

المراد بالنفث في العقد إبطال عزائم الرجال بالحيل أي في عزائم الرجال وآرائهم وهو مستعار من عقد الحبال ، والنفث وهو تليين العقدة من الحبل بريق يقذفه عليه ليصير حله سهلا ، فمعنى الآية أن النساء لأجل كثرة حبهن في قلوب الرجال يتصرفن في الرجال يحولنهم من رأي إلى رأي ، ومن عزيمة إلى عزيمة ، فأمر الله رسوله بالتعوذ من شرهن.  يأمرنا الله تعالى أن نستعيذ بالله من شر النفاثات. وشرها يسمى النَزْغُ. لأن كلمة (النَزْغ) تعني التفريق بين شيئين. وحيث إن الشياطين تحاول إفساد علاقة الإنسان بالله تعالى وعلاقة الإنسان بالإنسان فقد ورد تحذير الله تعالى من نزغ الشيطان فقال سبحانه: ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ ‌يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ، إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا﴾ (الإسراء- 53). وقوله تعالى:﴿وَإِمَّا ‌يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ ‌نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ (فصلت- 36)

وبعضهم أنكر أصل السحر ونفى حقيقته وأضاف ما يقع منه إلى خيالات باطلة لا حقائق لها ثم إن القائلين به اختلفوا في القدر الذي يقع به فقال بعضهم: لا يزيد تأثيره على قدر التفرقة بين المرء وزوجه؛ لأن الله تعالى إنما ذكر ذلك تعظيما لما يكون عنده وتهويلا له، فلو وقع به أعظم منه لذكره لأن المثل لا يضرب عند المبالغة إلا بأعلى أحوال المذكور. والآية التالية تصف أن عمل الساحر لا حقيقة له ﴿إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ‌وَلَا ‌يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ﴾ [طه- 69] . وهكذا يتبين أن النفاثات في العقد هي النفوس الخبيثة من شياطين الجن والإنس الذين يعملون على إفساد العلاقات بين الناس فيما بينهم وإفساد العلاقة بين الإنسان وخالقه سبحانه. ونرى بأن ﴿ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ﴾ والسحرة يقوموا بعمل السحر في مكان مظلم لا وجود لضوء أو نور. وتفق هذه الأية مع سابقاتها من الفلق والخلق والغاسق، جميعها تدور في فلك الظلام وشروره.

الفرق بين السحر والوهم

في كثير من الأحيان، يعتبر السحر والوهم نفس الشيء. هذا يؤدي إلى ارتباك بين الناس فيما يتعلق بالمعنى . الوهم هو صورة تخدع العقل من خلال إنتاج انطباع خاطئ عن الواقع. يُعرَّف السحر بأنه فن إنتاج الأوهام.

الوهم شيء يبدو مختلفًا أو يبدو مختلفًا عما هو عليه، شيء خاطئ ولكنه يبدو حقيقيًا. يخلق الوهم صورة خاطئة في ذهن شيء غير موجود في الواقع. إنه انطباع خاطئ ناتج عن خدعة البصر والصوت. رؤية السراب بأنه ماء مثال ممتاز على الوهم. من خلال التلاعب بالواقع لخداع أذهاننا، والأوهام هي صور أنشأتها أذهاننا لخداعنا من الواقع لنصدق شيئًا غير حقيقي. الأوهام البصرية والحيل السحرية التي يظهرها الساحر هي أمثلة قليلة على الوهم. نحن نعلم أن الحيلة التي يقوم بها الساحر غير ممكنة لكنه يخلق وهمًا ويبدو ذلك حقيقيًا. والقرآن وصف ما فعله سحرة فرعون ضد موسى عليه السلام بأنه مجرد وهم وخداع بصري وأنه لا يؤثر في حقيقية الأشياء. قال تعالى: ﴿فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا ‌بِسِحْرٍ عَظِيمٍۢ﴾  (الأعراف-116).ن خلال استخدام السحر أو التقنيات الأخرى المختلفة التي يفترض أنها تضمن السيطرة البشرية على الوكالات الخارقة للطبيعة أو قوى الطبيعة. يتم تنفيذ السحر عن طريق قمع الطبيعة الحقيقية للأشياء. إنه شخصي ويساعد على تسليط الضوء على مهارات الساحر. يستخدم السحر الطاقة السحر الأسود والسحرا لرمادي والسحر الأبيض

يُفهم السحر الأسود تقليديًا على أنه استخدام السحر لأغراض أنانية أو ضارة أو شريرة وغير مفيدة، بينما تم استخدام السحر الأبيض لأغراض غير أنانية أو غير ضارة أو غير شريرة، ومنها الألعاب السحرية الترفيهية، وهي أقرب إلى الوهم والخداع البصري. السحر الرمادي، المسمى أيضًا «السحر المحايد»، هو سحر لا يتم أداؤه لأسباب خيرية على وجه التحديد، ولكنه أيضًا لا يركز على الممارسات العدائية تمامًا.

يعتبر السحر الأسود هو نظير اليد اليسرى الخبيث للسحر الأبيض الخيّر. لا يوجد إجماع على ما يشكل السحر الأبيض أو الرمادي أو الأسود، يعتمد إلى حد كبير على من يقوم بالتعريف. اذا سألنا أي ساحرة تلقي تعويذات، ستخبرنا بأن السحر ليس حقيقيًا فحسب، بل إنه داخل كل من يريد تجربة السحر. يشعر الجميع بالسحر في حياتهم. السحر هو الطاقة التي لا يمكننا تفسيرها. السحر يخلق زيادة في معدل ضربات القلب. عندما نعاني من إثارة وقوة لا يمكن فهمهما، فهذا حقيقي… وهو أيضًا سحر.

هل السحر حقيقي ؟

في حين أن البعض قد لا يعتقد أنه صحيح، فإن السحر هو في الواقع حقيقي. عندما يتم تعريف السحر على أنه اسم، فإنه يوصف بأنه قوى خارقة للطبيعة للتنبؤ بالأحداث أو التأثير عليها. السحر دائمًا من حولنا، ومع ذلك لا يدرك الكثيرون الجاذبية غير المبررة التي يشعرون بها. لفترة طويلة، كان العالم ينظر إلى السحر على أنه ليس أكثر من خفة يد أو رفضه باعتباره شيئًا غير مستقر تؤديه النساء. لكن كيف سيبدو السحر في عالمنا الحاضر ؟ سيكون تقريبًا كما كان دائمًا! كان السحر حولنا منذ ولادتنا وكان سائدًا منذ فجر الزمن. قد لا يبدو السحر كما تعلمت مشاهدته.

ما نجده ونحن نغوص بشكل أعمق في السحر هو أنه لا يوجد تعريف حقيقي لماهية السحر ؛ فهو فريد من نوعه بالنسبة للممارسين الأفراد وله معنى مختلف بالنسبة لجميع الذين يمارسون المهنة. السحرة يمارسون السحر بطرق مختلفة هناك التفكير الأكثر شيوعًا، وهو عمل التعويذة. هناك ممارسات الشفاء، والسحر في احتفالات الرقص، واستخدام العرافة .

عندما يفكر الناس في السحر، قد يفترضون أن العلم أدى إلى نهاية السحر ؛ في الواقع، العكس هو الصحيح. أدى العلم الحديث إلى مزيد من الفضول حول السحر والمعتقد، على الرغم من أن الدراسات لم تحدد بشكل ملموس شرعية السحر. في الواقع، يمكن العثور على السحرة المعاصرين وهم يتصفحون الإنترنت ويمارسون سحرهم من خلال أدوات التواصل الاجتماعية المختلفة، يتحدثون الينا مباشرة  عبر غرفة الدردشة بدلاً من الاجتماعات السرية في الغابة. [email protected]

Leave a Comment