سميت سورة الفلق بهذا الاسم نظراً لأن السورة تبدأ بقوله سبحانه و تعالى: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾”. يخاطب رب العزة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بأن يستجير بربّ الفلق ، وأن يلْتَجِئُ إِلَى اللَّهِ ويتحصّن ويعْتَصِمُ برب الفلق. ونحن نلجأ إلى خالقنا سبحانه و تعالى و نتحصن بقدرته من شر يلم بنا. ويأتي معنى” أعوذ ” اللجوء إلى الله والاعتصام به، والاحتماء بالله عز وجل.
اختلف جمهرة العلماء في معنى كلمة “الفلق” فقال بعضهم: هو سجن أو بيت أو جبّ في جهنم مغطًّى إذا فُتح صاح جميع أهل النار من شدّة حرّه. وذكر بعضهم بأن الفلَق يعني الخلق كله.
وتأتي كلمة الفلق في سورة الأنعام، يقول تعالى: ”فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ” ( الانعام-96). والفلق هنا تعني الصبح عندما ينشق أو ينفلق من ظلمة الليل، و فالق الإصباح ، شاقٌّ عمود الصبح عن ظلمة الليل وسواده، أي أَظْهَرَ نُورَ الصَّبَاحِ ، وأَبداهُ وأَوضحه وتَقُولُ الْعَرَبُ: الْفَلَقُ، الصُّبْحُ . ﴿بربّ الفلق﴾ بربّ الصّـبْح، وبرب الخَـلـْـق كلـّهمْ. و الإصباح مصدر من قول القائل ” أصبحنا إصباحًا”، وورد في الأذكار” أَصْـبَحْنا وَأَصْـبَحَ المُـلْكُ لله”.
وفي كلام العرب” فلق الفلق: شق الشيء وإبانة بعضه عن بعض”. يقال: فلقته فانفلق. قال تعالى: ﴿إن الله فالق الحب والنوى﴾ (الأنعام-95) ، ﴿فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم﴾ (الشعراء-63). بفلقه الإصباح لهم، فكل ما انفلق عن شي مِنْ حَيَوَانٍ وَصُبْحٍ وَحَبٍّ وَنَوًى وَمَاءٍ فَهُوَ فلق، وإخراج النبات والغِراس من الحب والنوى.
ويقول الشاعر:
وَسْوَسَ يَدْعُو مُخْلِصًا رَبَّ الْفَلَقْ … سِرًّا وَقَدْ أَوَّنَ تَأْوِينَ الْعُقَقْ
وجعل الليل سكنًا، لأنه يسكن فيه كل متحرك بالنهار، ويهدأ فيه، فيستقر في مسكنه ومأواه
تتجلى روعة الآية بأنها بداية لانبلاج الصباح والنور من العتمة والظلام. ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ﴾ (التكوير17-18 ). فاذا كان الفلق جبّ في جهنم مغطًّى إذا فُتح صاح جميع أهل النار من شدّة حرّه. فالذين في الجب هم في ظلام دامس لا يرون نور النهار أبدا.
وعند زراعتنا للنباتات تكون البذور في ظلمة تحت التراب، وتنفلق وهي في الظلمة ، وكل نواة لها فترة حضانة خاصة بها، وعندما تنتهي فترة الحضانة تخرج فوق التراب فتكون زينة للناظرين. والنباتات تحتاج ضوء النهار حتى تقوم بعملية التمثيل الضوئي.
واذا كان الفلق هو الصبح فاننا نستعيذ ونلجأ لرب الصّـبْح، وبرب الخَـلـْـق كلـّهمْ. و الإصباح مصدر من قول القائل ” أصبحنا إصباحًا”، وورد في الأذكار” أَصْـبَحْنا وَأَصْـبَحَ المُـلْكُ لله”. . النهار هو الوقت الذي تكون فيه الشمس فوق الأفق وتوفر الضوء للأرض. خلال النهار، يكون كل مكان مشرقًا مع درجات حرارة دافئة. الليل هو الوقت الذي تكون فيه الشمس تحت الأفق والأرض في الظل. خلال الليل، يكون كل مكان مظلمًا مع درجات حرارة أكثر برودة.
ويفلق الله عز وجل الحجارة الصماء ليخرج لنا الماء من بين ظلماتها. ﴿وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ ﴾ ( البقرة-74). وكل كائن يدبي على وجه الأرض يحتاج للماء. ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ ( الأنبياء-30)